هل يمكن أن يرتفع الذهب إلى مستوى قياسي جديد؟


بحوث XM الاستثمارية
  • الذهب يتراجع بعدما ارتفع إلى مستوى قياسي بالقرب من 2430$
  • تراجع الذهب أثبت أنه قصير الأجل حيث استفاد مجدّدًا من تصاعد المخاطر الجيوسياسية
  • لكن يبدو أن الطلب الصيني يتباطأ
  • مع ذلك، فإن فرصة تسجيل مستوى قياسي جديد لا تزال مرتفعة

 

الأحداث الجيوسياسية تعد أحد المحركات الرئيسية التي تقود الذهب

بعدما ارتفع الذهب إلى مستوى قياسي عند حوالي 2430$ في الثاني عشر من أبريل، شهد موجة تصحيح هبوطي بسبب انحسار التوترات الجيوسياسية في ذلك الوقت، مما دفع المستثمرين إلى مواصلة إنهاء المراكز الخاصة بهم على الذهب.

مع ذلك، كان التراجع قصير الأجل، حيث ارتد المعدن الثمين صعودًا مرة أخرى مستفيدًا من تدفقات الملاذ الآمن الجديدة في وقتٍ أمرت فيه إسرائيل الفلسطينيين بإخلاء منطقة رفح التابعة لقطاع غزة، مما صعّد المخاوف بشأن إمكانية شن هجوم بري على المنطقة.

حتى التصريحات المتشددة الأخيرة التي أدلى بها العديد من صانعي السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي والتي دفعت المشاركين في السوق إلى تسعير إمكانية إجراء تخفيضات على الفائدة بمعدل 41 نقطة أساس فقط بحلول نهاية العام لم تكن كافية للحد من انتعاش المعدن الثمين. ففي الواقع، كان الذهب يتجاهل التغيُّرات الكبيرة التي شهدتها توقعات المستثمرين بشأن التخفيضات منذ بداية العام، عندما كانوا يتوقعون تخفيضات بنحو 160 نقطة أساس.

 

الطلب الصيني على الذهب يتباطأ

لقد ناقشنا العوامل التي تقود الذهب بشكل شامل في تقرير خاص سابق، واستنتجنا أنه بجانب الأحداث الجيوسياسية، كانت الصين قوة رئيسية أخرى تقود ارتفاع المعدن إلى مستويات قياسية.

فإن بنك الشعب الصيني يجمع كميات هائلة من الذهب في محاولة لتقليل اعتماده على الدولار. مع ذلك، رغم أن صافي الطلب من البنوك المركزية خلال الربع الأول من عام 2024 سجّل أداءً أفضل من أداءه خلال نفس الربع من الأعوام السابقة، فقد تباطأت مشتريات بنك الشعب الصيني بشكل أكبر، لكن في المقابل، عزّزت تركيا وتيرة شرائها بشكل ملحوظ، واشترت أكبر قدر من القيمة المطلقة أيضًا.

علاوة على ذلك، ربما تباطأ الطلب على التجزئة في الصين أيضًا مؤخرًا، ويتجلى ذلك من خلال مقارنة معدل التغيُّر الشهري لسعر الذهب القياسي في شنغهاي بأسعار الذهب العالمية. تشير هذه المقارنة إلى أن التراجع الأخير كان أعمق في المؤشر الصيني منه في الأسعار الدولية، وأن الانتعاش التالي كان أكثر صحة في الأسعار الدولية.

لكن، تباطؤ الطلب على الذهب قد يكون مؤقتًا

إذن، هل بدأ الطلب الصيني على المعدن الثمين يتلاشى بالفعل أم أنه مجرد تباطؤ مؤقت يسبق عودة ارتفاعه مرة أخرى؟

ومن وجهة نظر البنك المركزي، قد يقوم بنك الشعب الصيني بإعادة تسريع مشترياته مع اقتراب الانتخابات الأمريكية في نوفمبر، حيث أن فوز ترامب قد يؤدي إلى تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. وبالتالي فإن صناع القرار السياسي في الصين قد يستمرون في التخلص من اعتمادهم على الدولار للحد من الأضرار الاقتصادية في حال قررت الولايات المتحدة استخدام عملتها كسلاح للضغط على الصين.

وفيما يتعلق بطلب التجزئة، مع هدوء سوق الأسهم الصينية وحظر العملات المشفرة هناك، ربما كان المعدن الثمين أحد الأدوات القليلة التي يمكن للمستثمرين المحليين الاستفادة منها.

ومع ذلك، أظهرت آخر بيانات لمؤشر أسعار المستهلكين أن أسعار المستهلكين في الصين ارتفعت للشهر الثالث على التوالي في أبريل، وبالنظر إلى ارتفاع الواردات، يبدو أن الطلب المحلي يتحسّن. مع ذلك، كشفت مؤشرات مديري المشتريات الرسمية لهذا الشهر عن تراجع نشاط الاقتصاد، كذلك أزمة قطاع العقارات لا تعكس أي علامات على الانحسار، مما يعني أن زخم هذا التعافي قد يتلاشى بسهولة مرة أخرى.

ومع أخذ كل ذلك في الاعتبار، إذا أدت البيانات الصينية الواردة إلى زيادة الثقة في أرجحية استمرار التعافي، فقد يقرر مستثمرو التجزئة تحويل بعض التدفقات من الذهب إلى سوق الأسهم. وقد يكون العكس صحيحاً إذا ثبت أن التعافي الاقتصادي قصير الأجل.

على أي حال، حتى لو قرر تجار التجزئة الصينيون تقليل تعرضهم للمعدن الأصفر، فقد تكون النتيجة مجرد حدوث موجة تصحيحية أخرى بدلاً من حدوث انعكاس هبوطي واسع النطاق حيث يمكن أن يبقى الذهب مدعومًا من محركاته الأخرى. وكما ذكرنا سابقًا، يبدو أن التوترات الجيوسياسية تتصاعد مرة أخرى، في حين قد يقرر البنك المركزي الصيني إعادة تسريع مشترياته من الذهب في الأشهر المقبلة.

 

كيف سيؤثر المسار المستقبلي لمعدلات الفائدة الأمريكية على الذهب؟

أما بالنسبة للمسار المستقبلي الذي قد تسلكه معدلات الفائدة الأمريكية، فإن حقيقة أن معظم صناع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي يرون أن سيناريو استئناف رفع معدلات الفائدة مستبعد للغاية قد تُبقي متداولي الذهب في حالة ارتياح. كذلك لن يكون تأخير موعد بدء عملية خفض الفائدة مصدر قلق كبير لمستثمري الذهب حيث إنهم يستفيدون من تلك التطورات على المدى البعيد على عكس متداولي العملات الأجنبية. وبالتالي، فإن حقيقة أن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال يُرجّح احتمال خفض تكاليف الاقتراض في وقتٍ ما من هذا العام قد تكون أكثر من كافية بالنسبة لهم لأنها تُبقي إمكانية ارتفاع عوائد سندات الخزانة محدودة.

 

 

 

الصورة الفنية للذهب لا تزال إيجابية

تشير الصورة الفنية أيضًا إلى أن الاتجاه الصاعد الأخير للذهب لم ينته بعد. فقد دخل السعر في حالة التعافي مؤخرًا بعدما لقي الدعم بالقرب من منطقة 2280$، وبقي فوق المتوسط المتحرك الأسي لخمسين يوم، وأعلى بكثير من خط الاتجاه الصاعد المأخوذ من قاع السادس من أكتوبر، والذي يتزامن حاليًا مع المتوسط المتحرك الأسي لمئتي يوم.

إذا بقي المستثمرون على استعداد لشراء المعدن الثمين عند المستويات الحالية، فقد يستهدفون المستوى القياسي 2430$ مرة أخرى. وتجاوزه يمكن أن يؤكد تَشكُّل قمة صعودية وربما يمهد الطريق ليتجه نحو المنطقة النفسية 2500$.

في السيناريو الهبوطي، قد يشير التراجع دون منطقة 2280$ والمتوسط ​​المتحرك الأسي لخمسين يومًا إلى بداية تصحيح هبوطي أكبر. ولكن بالنظر إلى أن السعر قد يواصل التداول فوق خط الاتجاه الصاعد المذكور أعلاه، فمن السابق لأوانه التنبؤ بانعكاس الاتجاه على نحو مستدام.