لماذا يواصل الذهب التألق؟


بحوث XM الاستثمارية
  • يواصل الذهب الارتفاع، حتى في الأوقات التي يرتفع فيها الدولار والعوائد
  • البنوك المركزية والجغرافيا السياسية من بين المحفزات الرئيسية
  • يقدّم الطلب الصيني والتحوط ضد التضخم دعمًا إضافيًا

الذهب يواصل ارتفاعه الحاد!

أطلق الذهب موجة ارتفاعات قوية وسريعة في بداية شهر مارس، متجاوزًا المستوى القياسي السابق عند 2135 دولارًا في 7 مارس. بعدها سجّل حركة عرضية وجيزة استمرّت لبضعة أسابيع فقط ليعاود الارتفاع خلال الأيام الأخيرة من الشهر ويواصل تسجيل المستويات القياسية. وكل هذا حتى خلال الفترات التي كان فيها الدولار يرتفع جانباً إلى جنب مع عوائد سندات الخزانة وسط تراجع رهانات خفض  الفائدة على الأموال الفيدرالية.

فبعدما كانت الأسواق تتوقع أن يخفض الفيدرالي الفائدة بحوالي 160 نقطة أساس في مطلع العام، تعتقد الآن أن صناع السياسات النقدية في المركزي الأمريكي سيخفضوا تكاليف الاقتراض بحاولي 70 نقطة أساس فقط، أي أقل حتى من توقعات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي البالغة 75 نقطة أساس.

وذلك نتيجة لبقاء التضخم عند معدلات أعلى من المتوقع، والبيانات التي تشير إلى أن اقتصاد الولايات المتحدة لا يزال قوي.

 

ما هي القوى الدافعة لارتفاع الذهب؟

ولكن لماذا قرر متداولو الذهب غض النظر عن مثل هذه التطورات؟ لماذا انهار الارتباط العكسي بين الذهب والدولار والعوائد؟

حقيقة أن الذهب لم ينخفض بشكل ملموس بين ديسمبر وفبراير، عندما كان الدولار يتفوق على جميع نظرائه الرئيسيين، تشير إلى أن هناك قوى أخرى تقدّم الدعم للمعدن الثمين.

 

مشتريات البنوك المركزية

قد يكون أحد هذه المحفزات هو مواصلة البنوك المركزية الشراء، بقيادة الصين وتركيا والهند. ورغم أن أحدث البيانات المتاحة علناً لشهر فبراير تشير إلى تباطؤ ملحوظ في مشتريات البنوك المركزية اعتباراً من يناير، فإن هذه البنوك المركزية الثلاثة واصلت الشراء بوتيرة مرتفعة، حتى أن المركزي الصيني تقدّم بشكل كبير على البنكين الآخرين في هذا الصدد. بالحقيقة، سيتم تأكيد ما إذا كان شراء البنوك المركزية قد تسارع في مارس، عندما ارتفع المعدن الثمين بوتيرة مثيرة، في الأيام القليلة الأولى من شهر مايو.

تدفقات الملاذ الآمن

قد تكون حالة عدم اليقين الجيوسياسي دافعاً آخر للمستثمرين لتوجيه التدفقات إلى الذهب. فالغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في سوريا، والتي وعدت إيران بالانتقام لها، فضلاً عن الهجمات الأوكرانية على البنية التحتية النفطية في روسيا، تشير إلى أن الصراعات والحروب ستستمرّ لفترة ليست بقصيرة. ومع بقاء الين ضعيفاً حتى بعد قرار بنك اليابان رفع معدلات الفائدة، قد يكون الذهب هو الملاذ الآمن الأكثر جاذبيةً في الوقت الراهن.

 

الطلب الصيني

عادةً، تقدم الهند أيضا يد العون خلال الأشهر القليلة الأولى من العام، حيث يزداد الطلب في ثاني أكبر مستهلك في العالم للمعدن الثمين بسبب موسم الزفاف. ومع ذلك، مع وصول أسعار الذهب إلى مستوى قياسي في ديسمبر، تراجع الطلب هذا العام، ومن المحتمل أن تنخفض واردات الهند بأكثر من 90% في مارس، وفقًا لمسؤول حكومي.

وبما أن الصين والهند تستحوذان على أكثر من نصف إجمالي الطلب العالمي على الذهب، فقد يجذب المعدن الأصفر دعمًا أكبر من ثاني أكبر اقتصاد في العالم. بظل مشاكل سوق الأسهم الصينية وحظر العملات المشفرة في البلاد، أصبحت الأصول المالية التي يمكن للمستثمرين المحليين الاستفادة منها محدودة للغاية، وربما يكون هذا أحد أسباب ارتفاع الطلب على الذهب. والواقع أن سعر الذهب القياسي في شنغهاي كان يرتفع بسرعة أكبر من الأسعار العالمية على مدى العامين الماضيين.

 

خطر تأخير خفض الفائدة على الأموال الفيدرالية

أما بالنسبة للتوقعات المتعلقة بمسار السياسة المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي، فقد لا يشكّل تأخير خفض الفائدة مصدر قلق كبير لمستثمري الذهب. قد يطمئن هؤلاء لمجرد فكرة توجه الفيدرالي لخفض الفائدة، لأن هذه الخطوة ستمنع عوائد سندات الخزانة عن الارتفاع بشكل كبير. ومع بيانات التضخم التي تشير إلى أن الأسعار في الولايات المتحدة أصبحت أكثر ثباتا مما كان متوقعا في الآونة الأخيرة، فربما لجأ بعض المتداولين إلى الذهب كوسيلة للتحوط ضد التضخم في الوقت الحالي.

 

هل سيستمر الصعود؟

احتمال خفض معدلات الفائدة في الولايات المتحدة، وارتفاع الطلب من الصين، وعدم اليقين المحيط بالمشهد الجيوسياسي، جميعها عناصر قد تواصل دعم الذهب لفترة أطول. وبما أن المعدن الأصفر عند مستويات قياسية، لا مناطق مقاومة فنيّة واضحة، لذا فالمنطقة التالية التي يمكن أن تلعب دور محوري هي المنطقة المحيطة بمستوى امتداد 200٪ لموجة مايو – أكتوبر 2023 الهبوطية، عند حوالي 2340 دولارًا. قد يشجع تجاوزها المتداولين على استهداف المستوى النفسي 2500 دولار، وهو مستوى امتداد فيبوناتشي 261.8% للموجة المذكورة.

 

لكي تتغير النظرة

لتتراجع إيجابية الصورة، قد يكون على المعدن الثمين أن يتراجع دون مستوى 2135 دولار، حيث يقع حالياً المتوسط المتحرك الأسي لخمسين يوم. ومع ذلك، لكي يتحقق هذا السيناريو، على الأرجح يجب أن يتغيّر شيء في الأساسيات.

على سبيل المثال، قد يحتاج الاقتصاد الصيني إلى التحسّن إلى الحد الذي يشعر فيه المستثمرون المحليون بثقة أكبر لتحويل التدفقات إلى سوق الأسهم الصينية. أو ربما تحتاج حدّة التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم ــ الولايات المتحدة والصين ــ إلى التراجع، وهو الأمر الذي قد يدفع بنك الشعب الصيني إلى إبطاء مشترياته من الذهب بشكل كبير. ففي نهاية المطاف، موجة شراء الذهب من جانب بنك الشعب الصيني كانت مدفوعة بالرغبة في تقليص اعتماده على الدولار. قد تكون العناصر الأخرى التي يمكن أن تؤثر على الذهب هي حل الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوكرانيا، أو تلاشي آمال خفض الفائدة على الأموال الفيدرالية بشكل تام هذا العام. لكن يبدو من غير المرجح أن تحدث أي من هذه التغييرات في أي وقت قريب.